التطبيق03 – الناحية العملية – دراسة الكتاب المقدس التتبعية


 

وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِك..... وَارْبُطْهَا عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ  || تث6: 6-8

وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِك..... وَارْبُطْهَا عَلاَمَةً عَلَى يَدِكَ || تث6: 6-8

أسمعك تقول:

“أنا مقتنع بأهمية التطبيق بناء على التفسير الدقيق ولكن كيف يمكنني أن أفعل هذا بشكل عملي؟”

في كل مرة ندرس قطعة من الكتاب المقدس، نحتاج ان نتسائل “ماذا بعد؟” كيف يمكن لهذا الحق أن ينطبق في حياتي؟

تذكر أنه لا يهم مقدار ما تعرف عن الكتاب المقدس، إن فشلت في تطبيق ما تتعلمه، فلن تفيد كلمة الله حياتك. في الواقع إنه من الأفضل أن تعيش آية واحدة من الكتاب المقدس على أن تردد  إصحاح كامل منه وتعيش غير طائعاً بالتمام!

تذكر دائماً أن التطبيق هو امر مطلوب وضروري لكي آية وانت تقرأ لأنك دائماً يمكنك أن تسأل نفسك…

هل أختار أن أؤمن بالحق الذي إكتشفته؟

هل سأسمح للحق أن يغير تفكيري وسلوكي؟

تذكر أن أسمى الأهداف لدراسة الكتاب المقدس هو

“وَهذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ | يو17: 3”

وذلك “لِكَيْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ للهِ الَّذِي دَعَاكُمْ إِلَى مَلَكُوتِهِ وَمَجْدِهِ | 1تس2: 12”

بعضهم أحسن القول في أن الكتاب المقدس مثل المحيط. يمكنك أن تسبح به، وتأكل منه، وتعيش عليه أو أن تغرق فيه. ولكن هؤلاء الذين يصرفون الوقت في تعلم حقائقه وتطبيقها سوف يتغيرون للأبد.

إن الكتاب المقدس المقروء بشكل جيد هو رفيق لنفس شبعانة. يمكنك مع كلمة الله كخريطة للسير وروح الله كالبوصلة أن تتأكد أنك سوف تظل على المسار الصحيح وبدلاً من أن تسقط في الخطأ سوف تثبت بقوة في الحق.

لابد أن يأتي كل كتاب مقدس وعليه ملصقاً مكتوب عليه…

تحذير: هذا الكتاب يجعلك تقع في عادات. الإستعمال المتكرر المنتظم يسبب قلة القلق، ويقلل من شهية الكذب، والخداع، والسرقة، والكره. والأعراض هي: إزدياد أحاسيس الحب، السلام، الفرح، والعطف.

هل إنتبهت للتحذير؟

لما يصير الكتاب المقدس جزءاً منك، سوف يكون من النادر ان تنفصلا.

إن كتاباً مقدساً متهالكاً على الأغلب مملوكاً لشخص لا يتهالك.

إن كان طول عمرك يعتمد على كم عرفت الكتاب المقدس، يا ترى كم سيكون عمرك؟ لابد أن نقترب لكلمة الله كما لو أن حياتنا تتوقف عليها – لأنها بالفعل تتوقف عليها

إن ما نحصل عليه من كلمة الله، نهضمه عن طريق اللهج ونعيشه عن طريق الصلاة. – توماس مانتون

أسئلة هامة للتطبيق على كل فقرة:

1)      هل هناك خطية لتجنبها، تركها، أو الإعتراف بها؟

2)      هل هناك وعد للإيمان به أو شرط لابد من حدوثة للإشتراك في الوعد؟

3)      هل هناك توجه لابد من تغييره أو الإحتراس منه أو فعل لابد من ممارسته؟

4)      هل هناك وصية يجب العمل بها؟

5)      هل هناك مثالاً يُحْتَذَى به؟

6)      هل هناك صلاة تصلى أو أولوية للتغير؟

7)      هل هناك خطأ لابد ملاحظته؟

8)      هل هناك حق لابد من تذكره والتأمل فيه؟

9)      هل هناك شيء يجب شكر الله أو تسبيحه عليه؟

بإختصار، كما يقول جون ماك آرثر

إن دراسة الكتاب المقدس لم تنتهي إلى أن نسأل أنفسنا، “ماذا يعني هذا بالنسبة لحياتي وكيف يمكن أن أطبقه بشكل عملي فيها؟”

لابد أن نأخذ المعرفة التي إكتسبناها من قرائتنا وتفسيرنا ونستخرج منها المبادئ العملية التي لابد أن نطبقها على حياتنا الشخصية. إن كان هناك وصية للطاعة، نطيعها. إن كان هناك وعد للتمسك به، نمتلكه. إن كان هناك تحذير واجب إتباعه، ننتبه له. هذه هي أهم الخطوات: أن نُخضِع أنفسنا للكتاب المقدس وندعه يغير حياتنا. إن تجاهلنا هذ الخطوة، لن يمكننا ان نستمتع بالكتاب المقدس ولن يغير الكتاب المقدس حياتنا أبداً.[i]

مارس أسلوب “جون” ج و ن الخاص بمودي

في هامش الكتاب المقدس الخاص بدي. إل. مودي وفي صفحات كثيرة تجده كتب حروفاً ج و ن، أي “جربته و نجح”. فهو قد وضع فقرات معينة من الكتاب المقدس موضع الممارسة (التطبيق)، وتأكد من أنها تعمل بنجاح وهي تنجح دائماً بالطبع! وأنت أيضاً يمكنك أن تحاول وتتأكد أن وعود الله الصانعة العجائب الثمينة الرائعة تعمل وتسدد كل إحتياج للحياة والتقوى – ولكن فقط إن سعينا لكي نطبقها في حياتنا.

لا تكن مثل كراونفوت، رئيس أمة بلاك فوت في جنوب ألبرتا، الذي أعطى الخطوط الحديدة الباسيفية الكندية تصريح بأن يمدوا خط سكك حديدية من ميديسين هات وحتى كالجاري وأخذ مقابل التصريح تذكرة ركوب دائمة مدى الحياة. تقول التقارير أن كراونفوت وضع التذكرة في حافظة جلدية وإرتداها حول عنقه لآخر حياته – ولكنه لم يستخدم حقه أبداً ولا الإمتياز الممنوح له. كان لديه “حق” ولكنه لم يعش به أبداً. إن كنا ندرس لنعلم ولكن لا نعمل أبداً، نكون مثل الريس كراونفوت ولن ندخل أبداً وبالتمام لبركات.. “كُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ | أف1: 3”

التطبيق هو المكان الذي تقابل فيه الإطارت الطريق، المكان الذي تتفق سلوكياتنا أو لا تتفق مع ما نتكلم به، وهو حيث تصير المعرفة قلبية.

قال دي. إل. مودي مرة…

إن الكتاب المقدس الوحيد الذي يقرأه العالم هو الذي يرتدي حذاءاً: إنه أنا وأنت!

يحرضنا جى. إيه. بينجيل كمؤمنين أن ليس فقط نلاحظ الكلمة ولكن أن…

أخضع نفسك بالكامل للنص كله، وطبق النص كله على نفسك.

أو كما يقول جيري بريدجز

ونحن نبحث في الكتاب المقدس، لابد أن نسمح له بأن يبحث فينا، أن نجلس أمامه ليحكم على سمات شخصيتنا وسلوكنا.

يحتاج العالم بشدة أن يرى قوة الكلمة المعجزية وهو تعمل في حياتنا كدليل حي! قبل ان تستطيع كلمة الله أن تغير عالمنا، لابد أولاً أن تغير حياتنا. ومازالت مقولة مارتن لوثر كما هي صحيحة من يوم أن قالها…

إن العالم لا يحتاج تعريفاً للدين بقدر ما يحتاج لإستعراض له.

هناك قصة حكيت عن مجموعة من الرعاة المسيحيين الذي كانوا يتناقشون حول أية ترجمة للكتاب المقدس يجب إستخدامها.

أحد الرعاة أدهش المجموعة بإعلان “إن ترجمة جدتي هي أفضل ترجمة قرأتها على الإطلاق” فأجابه باقي زملائه “هل ترجمت جدتك الكتاب المقدس؟” وبدوره أجابهم قائلاً “نعم، لقد ترجمت الكتاب المقدس إلى حياتها، وكانت أقوى ترجمة رأيتها على الإطلاق!”.

ويشرح الأمر ويل إتش. هوتون هكذا…

تمسك بالكتاب المقدس حتى يتمسك الكتاب المقدس بك

كان الراعي هوتون يطبق بإجتهاد ما يعظ به. كان يرعى كنيسة الجلجثة المعمدانية في مدينة نيو يورك ثم في وقت لاحق خدم كرئيس معهد مودي للكتاب المقدس حتى موته عام 1946. لما صار د. هوتون راعياً للخيمة المعمدانية في أتلانتا، إستأجر رجلاً من هذه المدينة مخبراً خاصاً لكي يتتبع سلوك د. هوتون ويقدم عنه تقريراً. وبعد عدة أسابيع قليلة إستطاع المخبر أن يقدم تقريره بأن حياة د. هوتون تماثل ما يعظ به. وصار الرجل مسيحياً بسبب ذلك. أليس علينا جميعاً ان نسعى بإجتهاد لكي نطبق ما نلاحظه ونفسره حتى نرى العالم من حولنا يتغير؟

إن حياة متغيرة ومشحونة بقوة غير عادية هي أوضح شهادة للفهم الأصيل للكتاب المقدس.

وبعد التطبيق الشخصي، فإن أفضل طريق لكي تمتلك الحق، هو أن تعلمه وذلك حتى لم تكن موهوباً لكي تصير معلماً للكتاب المقدس بشكل رسمي، فهناك دائماً أشخاص في دائرة تأثيرك تعلمهم بواسطة حياتك وشفتيك.

يسجل سفر عزرا أن…

لأَنَّهُ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ ابْتَدَأَ يَصْعَدُ مِنْ بَابِلَ، وَفِي أَوَّلِ الشَّهْرِ الْخَامِسِ جَاءَ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَسَبَ يَدِ اللهِ الصَّالِحَةِ عَلَيْهِ.(وهنا يبرز سؤالاً هو لماذا والإجابه المباشرة هي) لأَنَّ عَزْرَا هَيَّأَ قَلْبَهُ لِطَلَبِ شَرِيعَةِ الرَّبِّ وَالْعَمَلِ بِهَا، وَلِيُعَلِّمَ إِسْرَائِيلَ فَرِيضَةً وَقَضَاءً | عز7: 9، 10″

لابد أن دارسي الكتاب المقدس بالدراسة التتبعية أن يجاهدوا أن يصيروا أناساً مثل عزرا الذي كان نمط حياته هو تعليم الحق الذي قد وضعه موضع الممارسة. وماذا كانت محصلة حياته عن طريق التطبيق والتي ستكون محصلة حياتنا إن إتبعنا مثاله؟ سوف تكون يد الرب الصالحة علينا تماماً مثلما كانت على عزرا الكاتب! نعم، سوف تتبارك روحياً بالكتاب المقدس (عن طريق معلمك الروح القدس)، ليس بالمعرفة ولكن بالعمل! ومثل عزرا ينبغي أن نبذل كل جهد لكي نتعامل مع كلمة الله بدقة وأن نعيشها بإجتهاد ومواصلة وحرص! إن كنت قائداً (في كنيستك ومعظمنا قادة في دائرة تأثيرنا) تذكر أن القائد الجيد هو الذي… يعرف الطريق،، يسير الطريق،، ويشير للأخرين على الطريق.

لو أن مسيحياً أهمل قراءة الكتاب المقدس، فسوف يهمل أكثر السلوك المسيحي.

لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ، بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَارًا وَلَيْلاً (هذا أمر موازي لموضوع الملاحظة والتفسير)، لِكَيْ تَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ (ها هو التطبيق) حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ. لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تُصْلِحُ طَرِيقَكَ وَحِينَئِذٍ تُفْلِحُ (أي تنجح وهو بركة التطبيق الصحيح) | يش1: 8″

ويذكرنا الكاتب المسيحي جيري بريدجز أن…

الحفظ (في الذاكرة) هو أول خطوات اللهج.

ويضيف جون بلانكارد أن هناك نقص بخصوص “الحفظ في الذاكرة” فيكتب…

إن النمو المسيحي يحتاج لأكثر من معرفة ما يقول الكتاب المقدس، فلا أحد يشعر بالشبع ويتغذى من مجرد تذكر ما هو مكتوب في قائمة الطعام.

ويشرح وليام ماكدونالد اللهج كما يلي…

يجب على المسيحيين أن يلهجوا بكلمة الله (يجتروا ويمتضغوا ما تذكروه منها) وأن يسلكوا بالإنفصال (عن العالم) (الظلف المشقوق).[ii]

وكتب الواعظ التقي إف. بي. ماير أن…

إن التكريس للهج بالكلمة هو أكثر أهمية لصحة النفس اكثر من الصلاة. إنك تحتاج لسماع كلمات الله أكثر من إحتياج الله لأن يسمع كلماتك، بالرغم من أن كل منهما سوف تقود للأخرى

إن قراءة الكتاب المقدس بدون اللهج فيه هو مثل الأكل بدون المضغ. ” بِوَصَايَاكَ أَلْهَجُ، وَأُلاَحِظُ سُبُلَكَ… جَلَسَ أَيْضًا رُؤَسَاءُ، تَقَاوَلُوا عَلَيَّ. أَمَّا عَبْدُكَ فَيُنَاجِي بِفَرَائِضِكَ… طَرِيقَ وَصَايَاكَ فَهِّمْنِي، فَأُنَاجِيَ بِعَجَائِبِكَ… وَأَرْفَعُ يَدَيَّ إِلَى وَصَايَاكَ الَّتِي وَدِدْتُ، وَأُنَاجِي بِفَرَائِضِكَ… لِيَخْزَ الْمُتَكَبِّرُونَ لأَنَّهُمْ زُورًا افْتَرَوْا عَلَيَّ. أَمَّا أَنَا فَأُنَاجِي بِوَصَايَاكَ… كَمْ أَحْبَبْتُ شَرِيعَتَكَ! الْيَوْمَ كُلَّهُ هِيَ لَهَجِي… أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ مُعَلِّمِيَّ تَعَقَّلْتُ، لأَنَّ شَهَادَاتِكَ هِيَ لَهَجِي… تَقَدَّمَتْ عَيْنَايَ الْهُزُعَ، لِكَيْ أَلْهَجَ بِأَقْوَالِكَ | مز119: 15، 23، 27، 48، 78، 97، 99، 148″

وأحب كيف يصف جون ماك آرثر اللهج بالكتاب المقدس…

إنه ليس كافياً أن تدرس الكتاب المقدس فقط. فلابد أن نلهج به. وبمعى آخر حقيقي جداً نكون كأننا نعطي عقلنا حماماً؛ نغسله في محلول كلمة الله المنقي.[iii]

ويكتب آندرو مورراي عن الفرق بين المعرفة (للكلمة) والعمل (بها)…

يا له من زيف مفزع أن تصير راضياً وسعيداً بسماع كلمة الله، دون أن تعمل بها. وكم قد صار سائداً مشهد جموع المسيحيين الضخمة التي تسمع كلمة الله بإنتظام شديد وبحب، ولكن لا يعملون بها! إن كان عبداً يسمع فقط دون أن يعمل، كم سريعاً ينبغي توقيع عقوبة عليه. وهكذا، كم هو زيف تام، أن مسيحيين لا يلاحظون أبداً كيف انهم لا يعيشون حياة مسيحية صحيحة. لماذا نحن مزيفين هكذا؟ هذا بسبب شيء واحد هو أن الناس يستبدلون اللذة التي يجدونها في سماع كلمة الله بالمسيحية والعبادة (يظنون أنهم ما داموا سعداء بالسماع فهم مسيحييون يعبدون الله). إن العقل يستمتع بأن يقدم له الحق بصورة واضحة؛ والخيال يشعر بالرضا لأجل تصور الحق؛ والمشاعر تتحرك بواسطة التطبيق. لعقل حي فعال تصير المعرفة لذة. ويمكن لشخص أن يدرس فرعاً من العلم – الكهربا مثلاً – لأجل المتعة التي ينالها من المعرفة، بدون أي نية لتطبيق المعرفة بشكل عملي. لهذا يذهب البعض للكنسية، للإستمتاع بالوعظ، ولكن ليس لعمل ما يطلبه الله منهم.

لدي إتش. بي. باركر شرحاً تصويراً يشدد على أهمية كل من المعرفة والعمل بالحق الكتابي…

وانا أنظر للحديقة في يوم من الأيام، رأيت ثلاثة أشياء. أولاً، رأيت فراشة. كانت فراشة جميلة وكانت تستقر على زهرة ثم تطير لزهرة أخرى ثم أخرى، وكانت تستقر على كل زهرة لمدة ثانية أو إثنتان ثم تتحرك. كانت تلمس براعم لذيذة كثيرة على قدر إستطاعتها، ولكنها لم تجني منها أي فائدة تقريباً.

ثم شاهدت من نافذتي ورأيت دارس علم النبات. ودارس علم النبات كان لديه دفتراً ضخماً تحت زراعة وعدسة مكبرة ضخمة. كان عالم النبات هذا يميل على زهرة معينة ويتفرس فيها بالعدسة لمدد طويلة ثم يكتب ملاحظاته في الدفتر. كان يجلس هناك لساعات يكتب ملاحظاته، ثم أغلق دفتره، ووضعه تحت ذراعه، ووضع العدسة المكبرة في جيبه ثم مضى في طريقه.

وثالث شيء لاحظته هو النحلة، مجرد نحلة صغيرة. ولكن كانت النحلة تحط على زهرة ما وكانت تغوص بداخلها ثم تبدأ في إمتصاص كل الرحيق والعصارة الذي يمكنها أن تحملهما. وكانت دائماً تدخل الزهرة فارغة وترجع ممتلئة.[iv]

تعليق: لا تكن كالفراشة تتنقل سريعاً من درس كتاب لآخر (عظة، تأمل، كتاب تفسير، وهكذا..)، فتفشل في أن تطبق شخصياً ما قد تعلمته. وأيضاً لا تصير عالم دراسة كتاب مقدس، ذاك من يلاحظ نص الكتاب بإجتهاد، ويخرج منه تفاسير دقيقة ولكن يفشل في أن يطبق حقائقه. بدلاً من ذلك، نحن نحتاج أن نكون “نحل” الكتاب المقدس، فنستخدم الدراسة التتبعية لكي نغوص في الكتاب ونستخرج عصارته الإلهية ثم ندع العصارة الإلهية بعد ذلك أن تغيرنا. وعندما نكون مثل النحلة، سوف نجد أننا لم نترك أبداً كلمة الله فارغين.

أدرس الكتاب المقدس كي تكون حكيماً \\\ صدقه كي تصير في أمان \\\ مارسه كي تكون مقدساً.

كتب سي. إتش. سبورجن في عظته كيف تقرأ الكتاب المقدس…

والقاعدة الثالثة لدليل الدراسة لابد أن تكون – إقرأ وطبق.

ما أعنيه هو: لا تقرأ الكتاب المقدس كما لو أنه كتاب كتبه الناس. لا تقرأه لكي فقط تقول، “نعم هذا حقيقي، حقيقي جداً؛ أؤمن أن تعاليمه هي الإعلان المعصوم لفكر الله نفسه” ولكن إجتهد أيضاً أن تقرأ صفحة من الكتاب المقدس، وأن ترى دائماً ماهو موجه لك فيها.

والبعض منكم ليس له في كلمة الله الآن إلا قليل جداً عدا التهديد بالعقاب. صل لله لكي يساعدك على إدراك جدية هذا التهديد، لأنك لو شعرت بعمق بهذا التهديد الآن، فقد يمكنك أن تخلص من الإتمام المأساوي له. لو أن (الله) جعلك ترتعد الآن تحت سلطان كلمته، فلن ترتعب أبداً بعد ذلك تحت يده (يوم الدينونة). إن شعرت بالغضب الآتي الآن، قد لا تشعر به أبداً في العالم الآتي. أطلب من الله أن تحذيراته تخرجك من خطاياك، وتدفعك لكي تسعى لنوال الغفران في المسيح. ثم بعد ذلك لما تقرأ أوصاف قلب الإنسان، والسقوط، والهلاك، والفساد التام في طبيعتنا، وهيئتنا، وترى نفسك في المرآه، وتقول عن كل إنسان تسمع عن خطيته، “أنا مثلما كان هذا الرجل، وإن لم أكن قد وقعت بالتمام في نفس خطاياه، فمازال هناك إحتمال لها في قلبي، وكان لابد أن أفعلها، إلا لسبب نعمة الله الحافظة” خذ نفس القصص لقلبك لتجد فيها ما هو لك، أما تشجيعاً أو تحذيراً لنفسك. وبالنسبة للتعاليم، أعد تذكر أن التعليم يقتل إن لم تأخذه لك شخصياً وتشعر بإهتمامك الشخصي به. أعرف البعض الذي يفرحون بشكل عظيم بتعليم الإختيار ولكنهم ليسوا مختارين، والبعض يسرون بتعليم التبرير بالإيمان، ولكنهم ليس لديهم إيمان للتبرير. أعرف البعض أيضاً، الذي يفتخرون بحفظ الله للمؤمن للنهاية، لكنهم، ذهبوا للجحيم، لأنهم كانوا سائرين على طريقه. أن تعرف هذه الحقائق وأن تقاتل من أجلها بغيرة ومرارة المجادلين، هو أمر مختلف تماماً عن أن تتمتع بهم كميراثك ونصيبك للأبد. إسأل الرب أن يريك إهتمامك الحقيقي، بكل مكاشفة، ولا ترضى حتى تتأكد من أنك لديك إهتمام شخصي فيها جميعاً.

وبشكل خاص ليكن هذا بخصوص الوعود. “لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ!” حسنا، هذا وعد رائع جداً، ولكن إن قرئ لي “لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ” يصير يا له من وعد عظيم يغير الحياة! إعتاد مارتن لوثر أن يقول، “كل الديانة الحية هي في الضمائر الذاتية والإمتلاكية” أليس كذلك. “إِذَا اجْتَزْتَ فِي الْمِيَاهِ فَأَنَا مَعَكَ، وَفِي الأَنْهَارِ فَلاَ تَغْمُرُكَ!” آه! بالحقيقة، يا له من وعد كعنب أشكول، ولكنه في وادي أشكول، ولا أستطيع أن أطاله هنا؛ ولكن الوعد المطبق هو عنقود العنب القادم إلي في مكاني، حيث أستطيع الحصول عليه، وتمتع نفسي بلذته المغرية.

ولكن إنتبه، مهما كان، في ان تسعي لأجل تطبيق الوصايا. البعض دائماً ما يبحثون في واجبات الآخرين، ويصيرون قضاة ونقاد في ما يجب للآخرين أن يفعلوه. “مَنْ أَنْتَ الَّذِي تَدِينُ عَبْدَ غَيْرِكَ؟ هُوَ لِمَوْلاَهُ يَثْبُتُ أَوْ يَسْقُطُ” أبحث أية الوصايا هي الواجبة لك، ثم، كإبن لله، فلتجري قدماك في طريق وصاياه. إقرأ الكتاب المقدس كرجل يقرأ وصية مشروطة، لكي ما تجد ما هو لك فيها. تصرف مع الكتاب المقدس مثلما يتصرف المريض مع روشتة الطبيب. سر عليها بشكل شخصي وعاملاً ما تمليه عليك. إسأل الله أن لا يكون كتابك المقدس هو كتاب شخص آخر غيرك، ولكن كتابك أنت الشخصي، فم الله الشخصي يتحدث لنفسك عن كل شيء يؤدي لسلامك.

رابعاً – وهذا أمر شاق فعلاً – إقرأ ومارس.

إن لم تفعل هذا، فأنت تقرأ لدينونتك. إن قرأت، ” اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ”، فإن لم تؤمن فأنت “الَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ” لأنك لم تؤمن بإبن الله. إن الإنجيل أمر جاد جداً بالنسبة لكل إنسان، لأنه إن لم يكن رائحة حياة لحياة، فحيث أنه لابد أن يكون رائحة من نوع ما، يصير لذلك رائحة موت لموت. والبعض يبدو أنهم يقرأون الكتاب المقدس لكي يعرفون كيف لا يعملون به، وكلما أمر الله أكثر كلما رفضوا أن يعملوا أكثر. ورغم أنه يجذبهم له، فهم لا يأتون، ولما يدعوهم لا يستجيبون. إنه لقلب حزين جداً ذاك الذي يستخدم كلمة الله لكي يجعل خطيته تتفاقم.

لابد أن حياتنا، بنعمة الله، تصير ترجمة جديدة للكتاب المقدس. هل تريد أن تجعل الكتاب المقدس متاحاً للعامة، حسنا، هذه هي فرصتك. إن إنجيل الشخص العالمي هو المسيحي. فقد لا يقرأ كتباً، ولكنه يقرأ حياة تلاميذ المسيح، ويحكم على الديانة المسيحية، بواسطة حياة من يعترفون بها. سوف يتعلم العالم بشكل أفضل، وينمو إحتمال مجيئه لمعرفة المسيح لما تكون حياة المسيحيين أفضل، ولما يصير “كتاب” حياة المسيحي أكثر إتفاقاً مع “كتاب” التعاليم المسيحية (الكتاب المقدس). فليقدسنا الله وينقينا، روحاً ونفساً وجسداً، حتى نكون نافعين بشكل جيد للكنسية والعالم. إقرأ ومارس؛ ولكن لن نقدر أن نقوم بهذا إن لم يساعدنا الروح القدس.

…. إمتحن ما تسمعه؛ وما تعترف به؛ وما تقرأه.

لدى أي جواهرجي (وقتها) قوارير مملوة حامض يختبرون به كل شيء يقدم لهم للشراء، هل هو ذهب أم مجرد شيء لامع، وعلى المسيحي أن يجعل كلمة الله في متناول يديه، مكتنزه في نفسه، لكي يمتحن بها كل ما يسمع.

 


[i] MacArthur, J.: The MacArthur Study Bible Nashville: Word

[ii] MacDonald, W & Farstad, A. Believer’s Bible Commentary: Thomas Nelson

[iii] MacArthur, J.: The MacArthur Study Bible Nashville: Word

[iv] A. Naismith, 1200 Notes, Quotes and Anecdotes [Chicago: Moody, 1962], p. 15.

Comments
2 تعليقان to “التطبيق03 – الناحية العملية – دراسة الكتاب المقدس التتبعية”
  1. hrefaat كتب:

    الصورة تشرح كيف كان اليهودي يربط وصايا الله على يده ليسلك بها

    فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ
    وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ. وَلْتَكُنْ هذِهِ الْكَلِمَاتُ الَّتِي أَنَا
    أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ، وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلاَدِكَ،
    وَتَكَلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتِكَ، وَحِينَ تَمْشِي فِي
    الطَّرِيقِ، وَحِينَ تَنَامُ وَحِينَ تَقُومُ، وَارْبُطْهَا عَلاَمَةً
    عَلَى يَدِكَ، وَلْتَكُنْ عَصَائِبَ بَيْنَ عَيْنَيْكَ، وَاكْتُبْهَا عَلَى
    قَوَائِمِ أَبْوَابِ بَيْتِكَ وَعَلَى أَبْوَابِكَ.

    تث6: 5-9

  2. lamis كتب:

    حتى يومنا هذا اليهود المتدينون يفعلون هذا الشئ. ويرددون الصلوات.

ما الذي يجول بخاطرك بخصوص التدوينة؟